المخادع
المخادع
يا قاتلي ، لماذا تسير في جنازتي حافي
القدمين ، عاري الرأس ، نادب الخد ؟ لماذا تذرف تلك الدموع ؟ أحقدا علي أم إشفاقا
علي ؟
أطلب منك أن تسير في هذه الجنازة باسم
الثغر ، وسيم السريرة ، لأنني لا أقبل من يسير في جنازتي حزينا ، ولا أقبل من يذرف
الدموع علي كما ذرفتها من قبلك التماسيح . لا تراوغ ، لا تخادع . فأنت البطل
المغوار . أنت الباسل المقدام . أنت كل شيء حاشا أن تكون إنسانا . كل الصفات
تناسبك إلا صفة الكرامة والشهامة فأنت لا تعرف لها سبيلا .
سم نفسك ما شئت من الأسماء ، واعط لشخصك
ما أردت من الألقاب ، لكنك لن تجد من يلقبك بلقب من ألقاب الرجولة ، ولا من
يصفك بوصف من أوصاف البطولة . أنت كما كنت
بالأمس القريب إنسانا غرا ، منتفخا كالطاوس ، جميل المنظر ، حقير الطبع والجوهر ،
لا حول ولا قوة لك . فهل تغيرت أفكارك بين عشية وضحاها ، فأصبحت تلقن الناس دروسا
في الوطنية والشهامة . فسبحان الله حين أصبح " أعمى يقود بصيرا " .
والغرابة كل الغرابة أن يصبح الوطني خائنا ، والخائن وطنيا . والأغرب من الغرابة
أن تسند جلسات الوعظ والإرشاد لملحد أمي,
و أوسمة الشرف والعفاف والاستحقاق لمخنث ديوتي .
وصدق من قال :" في بلاد المغرب لا
تستغرب " . لقد أصبحنا نعيش إسهال السياسة ، وزكام الإيديولوجيات المستوردة ،
ومغص الأولويات ، وحمى المناصب ، وتاجرنا بالمبادئ ونسينا الوطن . فهل من منقذ ؟
هل من ربان يوصل السفينة إلى بر الأمان .
تعليقات
إرسال تعليق