قانون الغاب

                                         قانون الغاب

          يعيش وسط غابة تزخر بأنواع الحيوانات المختلفة الألوان والأنواع والأشكال والأحجام والطباع . القوي يأكل الضعيف إن استطاع إلى ذلك سبيلا . الكل يخطط ليبقى ويعيش ، ولو على حساب الغير . فالبعض على يقين أن بقاءه مرهون بهلاك غيره . فبقاء عدوه لا يعني له إلا شيئا واحدا هو العيش في حيطة وحذر ، في قلق واضطراب . والبعض الآخر لا يهنأ له بال ولا عيش ، إن نجا من مخالب أو أنياب عدوه ، وجد أنياب الدهر في انتظاره فتسرق منه الأيام والسنون . لا يتمتع ببراءة الطفولة ، ولا بطموح الشباب . تنخر الشيخوخة قواه وتجمد عقله شيئا فشيئا ، فيعيش على ذكريات كلها حذر واحتياط من مصير يجده قريبا منه متربصا له من حيث لا يحتسب .
       فكر كثيرا ، في حياة هذه الحيوانات والحياة التي يعيشها الانسان . فاحتار في أمره ، فرغم أن الله عز وجل كرم الإنسان وميزه عن الحيوان ، فوهبه عقلا يفكر به ، ليميز بين الصالح والطالح ، وبين الخير والشر ، إلا أن تصرفاته تفوق وحشية الحيوانات ، يغلب عليه التفكير الحيواني المتوحش . يتربص بك الدوائر ، إذا ما اغتنم الفرصة ينقض عليك بهمجية لا توصف ، تفوق بعشرات المرات ما يفعله الحيوان المفترس بطريدته .
       فلماذا نعيب على الحيوانات افتراسها لطرائدها ، وننعتها بأبخس النعوت والصفات مثل : " قانون الغاب " ، " القوي يأكل الضعيف " " تصرفات وحشية " . أي قانون يمكن أن ننعت به نحن البشر . فباسم حقوق الانسان نقهر الانسان ، وباسم حقوق الطفل نعقد الطفل ونستغله ونشرده ونغتصب طفولته ببرامج لا لا تحترم طفولته ،. وباسم الحرية نطغى ونتجبر . وباسم الدين نكفر ونقمع ونبطش . وباسم المحبة ، ننشر الفساد والانحلال والبغض والحقد والكراهية في المجتمع . وباسم الإنسانية نحطم وندمر الانسان .
       فأي فرق أن تعيش في عالم الانسان  ،أوعالم الحيوان ، وهل نستطيع أن نميز بين العالمين إلا بفصاحة لسان لمخلوقات يقال أنها إنسان ، و بين نعيق غربان فوق الخرائب والأطلال .
       تصفح سجل التاريخ البشري وقارن بين جرائم الانسان وبطش الحيوان ، وقارن بينها وبين مافعله نيرون بروما ، والبوذيون بمسلمي بورما ، وبين ما قام به التتار بالمسلمين في الشرق الأقصى والأدنى ، وما فعله السوفيات في أفغانستان ، وبوش في العراق ، دون أن نغفل الحروب الصليبية ، وقبلها حروب الردة ، واليوم ما توجد عليه سوريا ناهيك عن الحربين العالميتين .
     قارن بين جرائم جانكزخان وفتك  جميع النمور الأسيوية ، وبين حماقات هتلر وشراسة الضباع البافارية ، وبين تراهات ستالين وعنف الدببة الروسية ، وبين بشاعات الأسد في سوريا وأسود البرية ، وبين سموم حقد الانسان على أخيه الانسان وسموم الأفاعي البورية ، وبين الضحك على الذقون  لسياسات متبعة وتصرفات القرود الأطلسية .

     فمن يستحق صفة " عالم الغاب " " الأعمال الوحشية "  " القوي يأكل الضعيف " ، الانسان أم الحيوان ؟؟؟؟؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأمثال الشعبية

الامثال الشعبية الباقة الثالثة

سداسيات 62