اكتشاف السر

                          اكتشاف السر

         جلس فوق رمال الشاطئ يتأمل البحر تاركا لذاكرته المجال للغوص في أعماق الماضي القريب ، بعد أن اكتشف الحقيقة التي كان يبحث عنها منذ مدة ليست بالقصيرة . تتابعت  في مخيلته الأحداث  واحدة بعد الأخرى . تذكر كل الأقوال المعسولة والأحابيل الملعونة بإتقان الغبي المتفاني في الاجتهاد ، مسخرا ذكاءه لإبعاد الأهل عن مركز الضغط والأسرار . حاول بكل الوسائل أن يغتنم الفرصة ليكتشف سر طريدة جريحة ، لا حول ولا قوة لها إلا أنها من الصنف الغبي الذي يدخل رأسه في الرمال أما م الأحداث كما تفعل النعامة كلما داهمها الخطر .
        تذكر مجلس الوعظ والإرشاد والبركة ، تذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فازداد غيظا وحقدا دفينا لمنافق سخر نفسه للشيطان ، بل الشيطان وقف مذهولا أمام تصرفاته . كل الصور تراءت له وهو يتأمل البحر في هدوئه وهيجانه ، في صوت أمواجه وهي تنكسر على رمال شواطئه وكيف يتلاشى زبده رويدا رويدا . فقارن بين عمق البحر وعمق الانسان . بين هذا وذاك ، فوجد أن الانسان أعمق  و أغمض من هذا  البحر .
         تذكر دموع الغبن وهي تسيل على الخد ، وصاحبها يتوسل بعدم البوح بالسر بعد أن اكتشفه ، فزاد غضبه وكتم حنقه في داخله . كاشفه بكل الحقيقة . بعد أن تعرف على الدليل ، زاد اضطرابه وهيجانه . توسل برب السماء ورب موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام بأن يحافظ على السر ، فعاهده .
         تضاربت في مخيلته الأقوال والأفعال ، فتجسدت أمامه صورة هذا الإنسان الخسيس المنافق الذي يرتدي ملابس الوقار والعفة ، ويفعل أفاعيل إبليس . هذا الانسان المتقلب كالحرباء . فراح يلعن في قرارة نفسه هذا الانسان الزاهد الفاجر ، العفيف المظهر ، الحقير الطبع والجوهر .

        سرح بصره في زرقة مياه البحر  ، يتأمل أمواجه الهائجة المائجة ، فاسترعت انتباهه مجموعة من النوارس تبحث عن طعامها وسط تلك الأمواج العملاقة . فوقف كمن استفاق من غفلة قائلا في قرارة نفسه :" فلتكن النوارس لنا عبرة  ."

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأمثال الشعبية

الامثال الشعبية الباقة الثالثة

سداسيات 62