الاختبار

                                     الاختبار

       أسمع بعض الأحيان أخبارا تطرح أمامي عدة تساؤلات لا أجد لها أي جواب .بل لا أهتدي حتى للخيط  الذي يوصل إلى سبب من الأسباب . احترت في أمري كثيرا . فقدت الثقة في نفسي منذ أن طرقت الأبواب . كنت كالربان الذي يحاول الوصول بسفينته إلى بر الأمان رغم الأهوال . يصارع الأمواج العاتية ، ويحاول ما أمكن أن يجانب التيار حتى لا يقع له ما ليس في الحسبان .
        سيدي . علمتني شيئا لم يكن يخطر على البال ، هو أن الانسان معرض للاختبار في كل وقت وحين ، وأن البركان الخامد سينشط من جديد حتى ولو مرت على آخر نشاط له آلاف  أو ملايين السنين . كانت نفسي صحراء قاحلة ، رياحها عاصفة ، زوابعها مظلمة ، حرها قاتل ، كلها سراب في سراب . فجئت أنت بأعصاب باردة ، وحنكة غير معهودة في سائر البشر ، فحولت صحرائي جنة خضراء ، نسيمها عليل ، روائحها الزكية تنعش الأجساد الواهية ، ومياهها سلسبيل تشفي العليل .
     سيدي ، يا صاحب العرش والصولجان ، قد تعتقد أن ما أبوح به مجرد كلام . فهل يوجد من دليل أكثر من الإعلان بأنني أنزلت راية التمرد والعصيان ، ورفعت لواء الطاعة والاستسلام لصاحب العرش والصولجان .
     أشتهيك بكل جوارحي ، بصدك وإقبالك ، بمداعباتك وتجريحاتك ، وفي حلك وترحالك . فإن كنت ملكا لغيري بجسدك وشرعيتك ، فأنت لي وحدي رغما عنك وعني . أحببت أم كرهت ، أبيت أو رفضت ، بقدسيتك ، بروحك ، بآلامك ، بطموحاتك وبنزواتك الكامنة في أعماقك ، لأن حرماني لا يناقض حرمانك ، ورغبتي فيك لا تقل عن رغبة انعتاقك من قيود لا تليق بمقامك ومكانتك .
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأمثال الشعبية

الامثال الشعبية الباقة الثالثة

سداسيات 62