اليك

                                                        إليك

        إليك لا لغيرك أهدي هذه الباقات ، إليك لا لغيرك أبث هذه الآهات ، إليك لا لغيرك أسدل هذه العبرات ، إليك لا لغيرك أقدم هذه الشذرات .

        ارتحت كثيرا بعد سفر طويل ، فظننت أنه القطيعة مع الزمن الغابر ، والحنين إلى الماضي . مخطئ من يعتقد انه سلم من تأنيبيات الضمير وخفقان القلب الحزين .

            بالله عليك ، كيف جئت في هذه الظروف ، وبعد هذا الزمن الطويل ، كيف خرجت من بين هذه التراكمات المدمية ؟ لماذا استعمرت هذا القلب الضعيف الذي لا حول ولا قوة له بدون استئذان ، ولا بعد سابق معرفة  أو إعلان ؟

             حللت بين ظهرانينا قبل مدة قصيرة ، فاستطعت أن تقتحم حصن هذه القلعة ، فبالله عليك من ساحر. براءة عينيك أنستني هول الخديعة وأيام السقوط في مهاوي الرذيلة  . نغمات صوتك ذكرتني بأيام خلوتي بين المروج وسط البلابل الصداحة . حلاوة حديثك أبعدتني حتى عن واجباتي اليومية . وهذه هي بلواي . زهدك أخرسني وجعلني لا أعرف ما أقول ولا متى أقول . بساطتك حيرتني بين الإقبال والدبور .

        أيها الساحر المداعب ، بالله عليك كم حطمت من قلب قبل قلبي ؟ وكم من عين أدمعت قبل جفني  وكم من حلم أبطلت ؟ لا وألف لا ، بل كم من قلب أحييت ؟ وكم من عين أمتعت ؟ وكم من حلم أيقظت ؟ فسبحان الله "خلق وفرق ".

            غريب أمرك ، غريبة هي تصرفاتك . عيناك تغري بالإقبال ، ولسانك يدعو إلى الإدبار . حركاتك تنادي وتوقظ من الوسنان ، ولهجتك ترعب المنتشي برعشة الصبابة والهيام . كل ما فيك غريب . حتى سرك غريب . ضحكك ، كلامك ، وعدك ، وعيدك ، صخبك ، غضبك ، عطفك ، جفوك ، أنت الغرابة بعينها .