الرحيل
الرحيل
غدا سترحل عنا ، ستركب قطار
اللارجعة ، وأعرف أنك سوف لا تعير لهذا المكان ولو التفاتة . ستنزل في محطة وتجد
من يحيطك بالرعاية والعناية . فهل ستتذكر يوما أنك تركت وراءك إنسانا بمنتهى
البساطة جثة متحركة بلا عقل ، بلا قلب ، بلا هوية ؟ هل ستتذكر سويعات العطف
والحنان والابتسامة والاطمئنان ؟ هل ستتذكر تلك التنهدات وتلك الآهات ؟ لا أظنك
ستفعل ، ولا أظن أنك ستتذكر . فيكفيك فخرا أنك أحييت قلبا ، وأدمعت عينا ، وسجنت
عقلا و قيدت فكرا ...
فرفقا سيدي ، بهذا الانسان الضعيف
الغارق في أغوار بحرك الذي لا ساحل له . تتقاذفه أمواج تصرفاتك ، وتغريه رمال شواطئك
الذهبية ، وتنعشه زرقة مياهك الهادئة . فرفقا بهذا الملاح الضعيف الذي لم يكن يوما
من ركاب البحار الهائجة المائجة . فرفقا بهذا الانسان الذي لم يتعود الصيد في
المياه العكرة . بل كانت أيامه صافية ولياليه مقمرة ، يعزف عن الدنايا ، ويبتعد عن
الدنايا ، وتأتيه الهدايا . فمنذ قدومك أصبح بلا غاية ، بلا عناية ، بلا دراية ،
يرجو أن تكون هذه البداية بلا نهاية ..
تعليقات
إرسال تعليق